السبت، ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢

قمر على سمرقند

منذ عام ونصف العام وانا ابحث عن هذه الرواية دون جدوى في العيد الماضي اثناء تفقدى للكتب بمكتبة فكرة وكالعادة لا اجدها وصدفة اسأل عنها الكاشير اثناء سدادى لقيمة الكتب التى اشتريتها فيرد بالايجاب انها موجودة اندهش حقاً كيف موجودة ولم ارها علي الارفف او حتى اشعر بها ، اطير طرباً وفرحاً لحصولى عليها واعود للمنزل بفرحة الفائز المنتصر،لانى كنت اعد نفسي للاستمتاع بها ولكنى لم اكن اعرف حقيقة هذا الاستمتاع ومدى البهجة والامتلاء الذي ملئتنى به تلك الرواية .

امضيت ثلاث ليال اقرأها واحاول ان اجعل وقت قرائتها بعد كل الاعمال العملية والمنزلية حتى لا يقطعها قاطع.

 في البداية يدهشك حجم الرواية فهى تحتوى علي 731 صفحة متى يمكن ان تنتهى من قرأئتها وسط هذا الكم من المسئوليات ولكنك بعد ان تستفتحها لا تستطيع إلا ان تكملها او تلتهمها علي عجل.

تبدو الرواية للوهلة الاولي وكأنها رحلة في بلاد آسيا الوسطى، بكل معالمها والازمنة التى مرت بها تكتشف ذلك العالم وتقرر انه لابد حتماً ذات يوماً ان تذهب إليه وان ترى كل تلك المناطق والاماكن علي حقيقتها لابد ان ترى مقام الامام البخارى وتعد امنية تتمناها هناك، ترى تلك الانهار التى سميت البلاد نسبة اليها " بلاد ما وراء النهرين" وترى هؤلاء الغجر وطقوسهم ،كما لا بد ان ترى ضريح بيبى خاتون تلك العاشقة التى قتلها زوجها وخلدة الاسطورة ذكراها.

تأخذك بعد ذلك الرواية لتكتشف ما هو ابعد من ذلك فهى ليست مجرد رواية تتكلم عن سفر طبيب مصرى ليعرف اسرار ابيه الذي كان يعلم عنه القليل من صديق عمره . ولكنها رحلتنا نحن لنعرف ان الاشخاص والاماكن والازمنة متكررة وان النفس البشرية واحدة حتى وان اختلفت تلك العناصر.

كنت اتعجب وانا أقرأ ما يفعله "نور الله"- أحد أبطال القصة- تعقد بين نفسك وبين ما تقرأه حوارات حتى تستطيع ان تؤكد لنفسك أنه  نعم كلنا هذا "النور الله" الذي يعشق النساء والملذات وهو ذلك القديس الذي يتبتل في ضريح البخاري لأيامًا كثيرة ، كنت اعتقد في البداية ان لديه انفصام شخصية وانه يعيش بهاتين الشخصيتين إلي اننى تيقنت اننا جميعاً لدينا هذا الفصام.

نحن نعيش بذوات مختلفة احياناً نكون اشر الاشرار واحياناً اخرى نكون اطهر الخلق وكثيراً من الاحيان نكون ذلك المزيج المختلط الذي يعبد الله كأنه يراه وفي نفس الوقت تزل قدمه في السيئات وهكذا طوال الوقت. وهذه هى قيمة الانسانية فلو اراد الله سبحانه وتعالي لنا ان نكون قديسين طوال الوقت ما خلقنا علي صورتنا البشرية ولكنا نحن ايضاً ملائكة ذوات اجنحة يعبدون ويسبحون الله طوال الوقت.

تأخذك تلك الرواية لتفكر في كاتبها كيف تمكن من سرد كل هذه الاحداث بتلك اللغة الفريدة التى تأخذك معها في عالمها الخاص والفريد، كم من الوقت اخذت منه تلك الرواية فلابد انها اخذت منه كثيراً !!! كيف عبر هذا "الفريد المنسي قنديل" عنا وعن انسانيتنا بتلك البساطة وكيف وصٌل الينا كل هذه الافكار بقليل من الشخصيات المساعدة واثنان فقط شخصيات رئيسية !!!

الرواية تمتلىء بالتفاصيل والحكايات الحارقة والكلمات التي تنفذ الي قلبك دون مواربة، احب هذا الكاتب واثنى علي قراره ان يترك الطب ليتفرغ للكتابة .

 

هناك ٥ تعليقات:

غير معرف يقول...

الله عليك يا نوءة ..رائعةوانت تقرضينى الرواية ..ورائعة وانت تقرضينا منظارك الذى استوعب كم التفاصيل والذى وقفت انا عاجزة امام هدر الاحاسيس الذى اجتاح خلاياى وانا اتابع اللهث وراءها لكنى ابدا لم اعرف كيف يمكن ان الملم هذا الفيض فى بضع كلمات كما فعلتيها انت ..رائعة حبيبتى..لااعرف الاان اقول الله عليك والله عليك يا منسى ولن تكون ابدا منسيا..دمت لى ودامت هداياك كتب ورؤيا...زهرتك ..ده تانى تعليق لى ومن غير هوية

حسن ارابيسك يقول...

الحقيقة تذكريني بنفسي عندما يطول بي البحث وراء كتاب طال شوقي لقراءته ومعرفة محتواه وتفاصيل مكنونة
والحقيقة أيضا توصيف الرائع في موجز بسيط وعميق شدني وشوقني لقراءة تلك الرواية لذا سأحاول العثور عليها قراءتها والتعرف على هذا الكنز الثمين من المعرفة ومن لغتها الثرية الفريدة على حد وصفك لها
تحياتي
حسن أرابيسك

ديدي يقول...

من كلامك علي الرواية خلتيني حملتها من جودريدز ، فعلاً ممتعة بدأتها إمبارح ووصلت لصفحة رقم 200 !!!
تحياتي ):

الطائر الحزين يقول...

جميل السرد ، سابحث عنها واحاول قراءتها

يا مراكبي يقول...

عرض مختصر جميل